عشنا رَدَحاً منْ الماضي بغيرِ ترَّقُبٍ واستعدادٍ للمستقبلِ الآتي فكانَ صدمةً عنيفةً
بحقّ؛ لسرعةِ متغيراتهِ وتقلُّبِ أحوالِه، حتى تقاربتْ أطرافُ العالمِ
البعيدةِ وأمكنَ التأثيرُ على النَّاسِ والمجتمعاتِ عنْ بُعدٍ دونَ أنْ
نستفيدَ منْ هذهِ الفتوحاتِ والمستجداتِ([1]) التي جعلتْ التوجيهَ
الحصريَّ والانكفاءَ على الذاتِ تاريخاً وذكرى؛ وصارَ حاضُرنا وبوادرُ
المستقبلِ الجديدِ يوجبانَ على المربينَ إعدادَ أنفسهِم بعمقِ تثقيفِها
وجودةِ تعليمِها وحُسنِ تربيتِها حتى تنافسَ في الميدانِ الفسيحِ وتؤثرَ
في العقولِ والقلوبِ وتقودَ الأفئدةَ والأذهانَ قبلَ الأجسادِ نحوَ
الإصلاحِ والإيجابيةِ ومواقعِ التأثيرِ والريادة.
ولأنَّ التربيةَ مهمةٌ عسيرةٌ وثمرتُها صعبةُ المنال؛ لارتباطِها بالنَّفسِ البشريةِ
المعقَّدةِ في تركيبِها وهمومِها وآمالِها وآلامِها وحوافِزها ودوافِعها
ومراحلِ نُموها الجسدي والعقلي والنفسي- لأجلِ ذلكَ كلِّه- وجبَ على مَنْ
تصدَّرَ للتربيةِ أنْ يستعدَّ لها منْ بابِ أخذِ الكتابِ بقوةٍ وإتقانِ
العملِ ومواجهةِ المستقبلِ ومفاجآتهِ وما أكثرَها.
وللمربي النَّاجحِ خصائصٌ لابدَّ منْ توافرِها حتى يبلِّغَ رسالتَه على الوجهِ
الأكمل؛ وتشملُ هذهِ الخصائصُ جوانبَ معرفيةٍ وأخرى مهاريةٍ ووجدانيةٍ
وشخصية؛ وسوفَ نتحدَّثُ عنْ ثقافةِ المربي وكيفيةِ بنائِها ذاتياً
لأهميتِها وتأثيرِها في خصائصِ وصفاتِ المربي([2]).
مَنْ هو المربي؟
هو مَنْ يُربي الأجيالَ على الفضائلِ ويوجِهُها نحوَ إصلاحِ النَّفسِ
والمجتمعِ وخدمةِ الأهلِ والبلادِ والأمَّةِ ونصرةِ قضاياها في الدُّنيا
بُغيةَ الفوزِ بالجنَّةِ ورضا الرحمن، والتعريفُ يشملُ الرجالَ والنِّساء.
ما هيَ الثقافة؟
هي العلومُ والمعارفُ والمهاراتُ والسلوكياتُ التي يجبُ أنْ تكونَ متوافرةً
في المربي وماثلةً في شخصيتِه بقدرٍ يكفي لأداءِ الرسالةِ التربويةِ بوعيٍ
وتميز.
أوْ هيَ مجموعُ المنظوماتِ العقديةِ والأخلاقيةِ والاجتماعيةِ
والعاداتِ والتقاليدِ وأساليبِ العيشِ التي تؤثرُ في شخصيةِ المربي
وطريقةِ تعاملِه التربوي.
أينَ يوجدُ المربي؟
يوجدُ المربي في البيتِ أباً أوْ أماً أوْ غيرَهما؛ وقدْ يكونُ في المدرسةِ
أستاذاً أوْ مديراً أوْ مشرفاً؛ ولا يغيبُ المربي عنْ المسجدِ عالماً أوْ
إماماً أوْ مؤذناً أوْ مُقرِئاً وربما تجدْه في النَّادي مدرباً وفي
المركزِ الاجتماعي مسؤولاً وفي مكانِ العملِ زميلاً. والأصلُ أنَّ المربي
لهُ أمكنةٌ أساسيةٌ وأخرى فرعية؛ ومَنْ كثُرتْ دروبُه عمَّ نفعُه واستحالَ
حصارُه أوْ كاد.
أسبابٌ جعلتْ وجودَ المربي المثقفِ أكثرَ أهميةً منْ ذي قبل:
o قصورُ أثرِ الأسرةِ وانشغالهُا أحياناً أوْ إهمالهُا.
o كثرةُ قنواتِ التوجيهِ السلبي المدارةِ بكفارٍ أوْ منافقينَ أوْ فُساق.
o وجودُ ( مربين ) على مناهجَ سيئةٍ كالتربيةِ على الإرجاءِ أوْ التربيةِ على الغلو.
o لا يعيشُ الإنسانُ وحيداً ولوْ جَهِدَ أهلُه في سبيلِ الحجرِ عليهِ فلا مناصَ منْ تأثرِه.
سرُّ نجاحِ العمليةِ التربوية:
حتى تنجحَ عمليةُ التربيةِ ويكونَ لها مخرجاتٌ مباركةٌ وثمارٌ يانعةٌ لابدَّ منْ مُدخلاتٍ ذاتِ قيمةٍ هيَ:
o المربي الناضجُ الصادقُ المثقف.
o البيئةُ الإيجابية.
o المنهجُ الملائمُ المتجدِّدُ في وسائله.
o الأفرادُ الذين لديهِم قابليةٌ واستعداد .
ولا يكونُ المربي ناجحاً ما لمْ يعِشْ حياةً متوازنةً بنفسٍ طَلِعَةٍ لكلِّ
خيرٍ مستعدَّةٍ للتضحيةِ والبذلِ صابرةٍ على طولِ الطريقِ ومشقةِ معالجةِ
النُّفوسِ رجاءَ الثوابِ منْ الله.
مكوناتُ ثقافةِ المربي :
أولاً: ثقافةٌ أساسية:
وتشملُ الثقافةَ الدينيةَ والعلومَ الشرعية؛ ومعرفةَ تاريخِ الأمَّةِ الإسلاميةِ
وعواملَ نصرِها وأسبابِ نكوصِها؛ وختامُها إلمامٌ مناسبٌ بلغةِ العربِ
وآدابِهم وأيامِهم وأمثَالِهم.
ثانياً: ثقافةٌ تربوية:
وهيَ ما يحتاجُه المربي لأداءِ مهمتِه منْ ثقافةٍ تربويةٍ ونفسيةٍ واجتماعية، وكمْ
هوَ نفيسٌ استنباطُ الفوائدِ التربويةِ منْ نصوصِ الوحيينِ الشريفينِ
والسيرةِ العطرةِ ودراسةُ تجاربِ المربينَ عبرَ التاريخ.
ثالثاً: ثقافةٌ عامَّة:
وهيَ المعارفُ والعلومُ التي تزيدُ منْ الحصيلةِ الثقافيةِ والفكريةِ للمربي وتكونُ عوناً لهُ في كمالِ تربيتِه.
أهميةُ الثقافةِ للمربي:
o التماسكُ العقديُّ والفكريُّ إذْ أنَّ ابتعادَ المرءِ عنْ الثقافةِ بمنهجيتِها السليمةِ يجعلُ تغييرَ مسلماتِه منالاً قريباً.
o التجدُّدُ المعرفيُّ الذي ينعكسُ على جميعِ الجوانبِ الشخصيةِ للمربي وعلى وظيفتِه التربوية.
o في الثقافةِ إضاءةُ الروحِ واستبصارُ دروبِ الحياة.
o الحفاظُ على الحقائقِ منْ العابثينَ والمستخفينَ بها .
o العزلةُ والانقطاعُ الثقافيُّ يصيبانِ المربي بالوهنِ ويسلمانِه للخرافةِ فيكونُ موقفُه الدفاعَ فقطْ في زمنِ الهجومِ المتوالي!
o التحفيزُ على العملِ المتواصلِ المثمرِ والجديةُ في التعاملِ معْ الزَّمن.
o تجويدُ القريحةِ وتحسينُ التفكيرِ وإصلاحُ اللسانِ وتقويمُ السلوكِ وعُذوبةُ المعشر.
كيفَ يبني المربي هذهِ الثقافة؟
o القراءةُ في كتبِ التربيةِ وعلمِ النَّفسِ وعلمِ الاجتماع.
o القراءةُ العامَّةُ في شتى المعارفِ والفنونِ والعلوم.
o حضورُ درسٍ علمي دوري على الأقل.
o الانتظامُ في درسٍ تربوي علمي.
o الاستماعُ إلى المحاضراتِ التربوية.
o مشاهدةُ البرامجِ التربويةِ المباشرةِ أوْ المسجلة .
o المشاركةُ في البرامجِ التدريبيةِ الخاصَّةِ بالتربية.
o
الانضمامُ لعضويةِ الجمعياتِ العلميةِ؛ وإنْ كانتْ غيرَ موجودةٍ فيا
حبَّذَا لوْ نفرَ لهَا طائفةٌ منْ المربينَ والتربويينَ تأسيساً وتسجيلاً.
o متابعةُ الدورياتِ المتخصصةِ وغالبُها نشاطٌ منبثقٌ عنْ الجمعياتِ والنقابات.
o حضورُ الملتقياتِ التربوية.
يتبع
بحقّ؛ لسرعةِ متغيراتهِ وتقلُّبِ أحوالِه، حتى تقاربتْ أطرافُ العالمِ
البعيدةِ وأمكنَ التأثيرُ على النَّاسِ والمجتمعاتِ عنْ بُعدٍ دونَ أنْ
نستفيدَ منْ هذهِ الفتوحاتِ والمستجداتِ([1]) التي جعلتْ التوجيهَ
الحصريَّ والانكفاءَ على الذاتِ تاريخاً وذكرى؛ وصارَ حاضُرنا وبوادرُ
المستقبلِ الجديدِ يوجبانَ على المربينَ إعدادَ أنفسهِم بعمقِ تثقيفِها
وجودةِ تعليمِها وحُسنِ تربيتِها حتى تنافسَ في الميدانِ الفسيحِ وتؤثرَ
في العقولِ والقلوبِ وتقودَ الأفئدةَ والأذهانَ قبلَ الأجسادِ نحوَ
الإصلاحِ والإيجابيةِ ومواقعِ التأثيرِ والريادة.
ولأنَّ التربيةَ مهمةٌ عسيرةٌ وثمرتُها صعبةُ المنال؛ لارتباطِها بالنَّفسِ البشريةِ
المعقَّدةِ في تركيبِها وهمومِها وآمالِها وآلامِها وحوافِزها ودوافِعها
ومراحلِ نُموها الجسدي والعقلي والنفسي- لأجلِ ذلكَ كلِّه- وجبَ على مَنْ
تصدَّرَ للتربيةِ أنْ يستعدَّ لها منْ بابِ أخذِ الكتابِ بقوةٍ وإتقانِ
العملِ ومواجهةِ المستقبلِ ومفاجآتهِ وما أكثرَها.
وللمربي النَّاجحِ خصائصٌ لابدَّ منْ توافرِها حتى يبلِّغَ رسالتَه على الوجهِ
الأكمل؛ وتشملُ هذهِ الخصائصُ جوانبَ معرفيةٍ وأخرى مهاريةٍ ووجدانيةٍ
وشخصية؛ وسوفَ نتحدَّثُ عنْ ثقافةِ المربي وكيفيةِ بنائِها ذاتياً
لأهميتِها وتأثيرِها في خصائصِ وصفاتِ المربي([2]).
مَنْ هو المربي؟
هو مَنْ يُربي الأجيالَ على الفضائلِ ويوجِهُها نحوَ إصلاحِ النَّفسِ
والمجتمعِ وخدمةِ الأهلِ والبلادِ والأمَّةِ ونصرةِ قضاياها في الدُّنيا
بُغيةَ الفوزِ بالجنَّةِ ورضا الرحمن، والتعريفُ يشملُ الرجالَ والنِّساء.
ما هيَ الثقافة؟
هي العلومُ والمعارفُ والمهاراتُ والسلوكياتُ التي يجبُ أنْ تكونَ متوافرةً
في المربي وماثلةً في شخصيتِه بقدرٍ يكفي لأداءِ الرسالةِ التربويةِ بوعيٍ
وتميز.
أوْ هيَ مجموعُ المنظوماتِ العقديةِ والأخلاقيةِ والاجتماعيةِ
والعاداتِ والتقاليدِ وأساليبِ العيشِ التي تؤثرُ في شخصيةِ المربي
وطريقةِ تعاملِه التربوي.
أينَ يوجدُ المربي؟
يوجدُ المربي في البيتِ أباً أوْ أماً أوْ غيرَهما؛ وقدْ يكونُ في المدرسةِ
أستاذاً أوْ مديراً أوْ مشرفاً؛ ولا يغيبُ المربي عنْ المسجدِ عالماً أوْ
إماماً أوْ مؤذناً أوْ مُقرِئاً وربما تجدْه في النَّادي مدرباً وفي
المركزِ الاجتماعي مسؤولاً وفي مكانِ العملِ زميلاً. والأصلُ أنَّ المربي
لهُ أمكنةٌ أساسيةٌ وأخرى فرعية؛ ومَنْ كثُرتْ دروبُه عمَّ نفعُه واستحالَ
حصارُه أوْ كاد.
أسبابٌ جعلتْ وجودَ المربي المثقفِ أكثرَ أهميةً منْ ذي قبل:
o قصورُ أثرِ الأسرةِ وانشغالهُا أحياناً أوْ إهمالهُا.
o كثرةُ قنواتِ التوجيهِ السلبي المدارةِ بكفارٍ أوْ منافقينَ أوْ فُساق.
o وجودُ ( مربين ) على مناهجَ سيئةٍ كالتربيةِ على الإرجاءِ أوْ التربيةِ على الغلو.
o لا يعيشُ الإنسانُ وحيداً ولوْ جَهِدَ أهلُه في سبيلِ الحجرِ عليهِ فلا مناصَ منْ تأثرِه.
سرُّ نجاحِ العمليةِ التربوية:
حتى تنجحَ عمليةُ التربيةِ ويكونَ لها مخرجاتٌ مباركةٌ وثمارٌ يانعةٌ لابدَّ منْ مُدخلاتٍ ذاتِ قيمةٍ هيَ:
o المربي الناضجُ الصادقُ المثقف.
o البيئةُ الإيجابية.
o المنهجُ الملائمُ المتجدِّدُ في وسائله.
o الأفرادُ الذين لديهِم قابليةٌ واستعداد .
ولا يكونُ المربي ناجحاً ما لمْ يعِشْ حياةً متوازنةً بنفسٍ طَلِعَةٍ لكلِّ
خيرٍ مستعدَّةٍ للتضحيةِ والبذلِ صابرةٍ على طولِ الطريقِ ومشقةِ معالجةِ
النُّفوسِ رجاءَ الثوابِ منْ الله.
مكوناتُ ثقافةِ المربي :
أولاً: ثقافةٌ أساسية:
وتشملُ الثقافةَ الدينيةَ والعلومَ الشرعية؛ ومعرفةَ تاريخِ الأمَّةِ الإسلاميةِ
وعواملَ نصرِها وأسبابِ نكوصِها؛ وختامُها إلمامٌ مناسبٌ بلغةِ العربِ
وآدابِهم وأيامِهم وأمثَالِهم.
ثانياً: ثقافةٌ تربوية:
وهيَ ما يحتاجُه المربي لأداءِ مهمتِه منْ ثقافةٍ تربويةٍ ونفسيةٍ واجتماعية، وكمْ
هوَ نفيسٌ استنباطُ الفوائدِ التربويةِ منْ نصوصِ الوحيينِ الشريفينِ
والسيرةِ العطرةِ ودراسةُ تجاربِ المربينَ عبرَ التاريخ.
ثالثاً: ثقافةٌ عامَّة:
وهيَ المعارفُ والعلومُ التي تزيدُ منْ الحصيلةِ الثقافيةِ والفكريةِ للمربي وتكونُ عوناً لهُ في كمالِ تربيتِه.
أهميةُ الثقافةِ للمربي:
o التماسكُ العقديُّ والفكريُّ إذْ أنَّ ابتعادَ المرءِ عنْ الثقافةِ بمنهجيتِها السليمةِ يجعلُ تغييرَ مسلماتِه منالاً قريباً.
o التجدُّدُ المعرفيُّ الذي ينعكسُ على جميعِ الجوانبِ الشخصيةِ للمربي وعلى وظيفتِه التربوية.
o في الثقافةِ إضاءةُ الروحِ واستبصارُ دروبِ الحياة.
o الحفاظُ على الحقائقِ منْ العابثينَ والمستخفينَ بها .
o العزلةُ والانقطاعُ الثقافيُّ يصيبانِ المربي بالوهنِ ويسلمانِه للخرافةِ فيكونُ موقفُه الدفاعَ فقطْ في زمنِ الهجومِ المتوالي!
o التحفيزُ على العملِ المتواصلِ المثمرِ والجديةُ في التعاملِ معْ الزَّمن.
o تجويدُ القريحةِ وتحسينُ التفكيرِ وإصلاحُ اللسانِ وتقويمُ السلوكِ وعُذوبةُ المعشر.
كيفَ يبني المربي هذهِ الثقافة؟
o القراءةُ في كتبِ التربيةِ وعلمِ النَّفسِ وعلمِ الاجتماع.
o القراءةُ العامَّةُ في شتى المعارفِ والفنونِ والعلوم.
o حضورُ درسٍ علمي دوري على الأقل.
o الانتظامُ في درسٍ تربوي علمي.
o الاستماعُ إلى المحاضراتِ التربوية.
o مشاهدةُ البرامجِ التربويةِ المباشرةِ أوْ المسجلة .
o المشاركةُ في البرامجِ التدريبيةِ الخاصَّةِ بالتربية.
o
الانضمامُ لعضويةِ الجمعياتِ العلميةِ؛ وإنْ كانتْ غيرَ موجودةٍ فيا
حبَّذَا لوْ نفرَ لهَا طائفةٌ منْ المربينَ والتربويينَ تأسيساً وتسجيلاً.
o متابعةُ الدورياتِ المتخصصةِ وغالبُها نشاطٌ منبثقٌ عنْ الجمعياتِ والنقابات.
o حضورُ الملتقياتِ التربوية.
يتبع